الرحَّالة هو شارل هوبير (1253 -1301هـ/1837 – 1884م) و نُشرت تفاصيل هذه الرحلة التي بدأها شارل هوبير من البصرة في 12/5/1295هـ الموافق 14/5/1878م في نشرة الجمعية الجغرافية الفرنسية عام 1301هـ/1884م، إثر مصرعه بالقرب من بلدة العُلا في 29 تمّوز من العام نفسه على يد دليله ابن شُمَيْلان من شيوخ قبيلة بني رَشِيْد كما يعتقد والله أعلم.أعقب هوبير هذه الرحلة برحلة ثانية إلى المنطقة بدأها في حزيران 1883م بهدف تأمين نقل حَجَر تَيْمَاء إلى فرنسا، ولمواصلة أبحاثه الأثرية، ووضع خرائط للمنطقة بتكليف من الجمعية الجغرافية الفرنسية، والجمعية الآسيوية ووزارة الإرشاد العام الفرنسية. وخلال الرحلتين أقام هوبير علاقات جيدة مع حاكم المنطقة محمد بن عبدالله الرشيد، وتبادل معه الهدايا والسيوف، وبدوره قام ابن رشيد بتأمين حراس وأدلاء لمساعدة هوبير خلال تجواله.وبعد مرور سبع سنوات على مصرع هوبير، صدر في باريس عام 1308هـ/1891، كتاب بعنوان: (يوميات رحلة في شبه الجزيرة العربية 1883 – 1884م)، تضمن كتابات هوبير خلال رحلته الثانية، والتي كان أودع قسماً منها لدى القنصلية الفرنسية في جدة قبل بضعة أيام من مصرعه.
وكانت الكتابات عبارة عن خمسة دفاتر صغيرة الحجم ضمنها هوبير يومياته وانطباعاته، ورسومه للنقوش الحجرية، وأشار نائب القنصل الفرنسي في جدة فيلكس دو لوستالو (Félix de Lostalot) في رسالة إلى ظروف مصرع هوبير فقال: إن هوبير غادر جدة مساء 3 شوال 1301هـ الموافق 26 يوليو 1884م، يرافقه خادمه محمود ودليلين، وأن هوبير اغتيل في (6 شوال) 29 يوليو من قبل الدليلين الذين سجنا الخادم محمود لمدة يومين، إلى أن اغتنم هذا الأخير الفرصة المؤاتية للفرار باتجاه المدينة المنورة، وانتقل بعدها إلى حائل ثم إلى جدة.أشرف نائب القنصل الفرنسي في جدة بمساعدة ترجمان من أصل جزائري مقيم في مكَّة المكرمة يدعى سي عزيز على المفاوضات لاسترجاع أوراق هوبير وحَجَر تَيْمَاء، وكذلك الاقتصاص من القتلة.وقام سي عزيز بالمفاوضات مع ابن الرَّشِيْد بشكل سري، ذلك أن هوبير كان يقوم برحلته رغم معارضة السلطات العثمانية، التي كان ابن رَشِيْد متحالفاً معها، ويُعتقد أن ابن رَشِيْد هو الذي كَلَّف ابن شُمَيْلان بقتل هوبير خارج حدود إمارته في بلدة العُلا.
قبيلة عنزة في رحلات هوبير
في ص17 قال هوبير: منذ بداية تكليفي بمهمة علمية في الجزيرة العربية في عام 1878م (1295هـ)، اصطدمت بعقبات أخرتني وبصعوبات أشرت إليها في تقريري إلى سيادة الوزير.فقد اجهضت المحاولة الأولى للوصول إلى الجوف مع الشيخ محمد بن دُوْخِي بسبب ثورة الدُّرُوْز، والاتفاق الذي عقدته من ثم مع سَطَّام بن شِعْلان، شيخ الرُّوَلَة لم يسفر عن نتيجة بسبب نكث هذا الأخير بوعده. وتكرر الأمر في الاتفاقية التي أبرمتها مع الشيخ علي القريشي. اهـ.
الشيخ محمد بن دُوْخِي بن سْمَيْر أحد مشايخ قبيلة وُلْد علي من عنزة، والأمير سَطَّام باشا بن حَمَد الشِّعْلان أمير عشائر الرُّوَلَة، استعانت بهما الدولة العثمانية في تأديب الدُّرُوْز، فدخلا الحرب عام 1296هـ/1879م. الأمير سَطَّام باشا الشِّعْلان كان دوره هو تمويل الجيش العثماني ونقله إلى ساحة القتال، أما الشيخ محمد بن سْمَيْر فقد باشر القتال بنفسه، وكان لدخول ابن شِعْلان وابن سْمَيْر الأثر الفعَّال في تأديب الدُّرُوْز وكسر شوكتهم.في ص26 وتحت عنوان: إلى الجوف قال هوبير: الخامس والعشرون من مايو (أيار) كان يوماً شاقاً إذ لم يتبق لنا من الماء إلا ما يكفي لصنع الخبز. وبما أنه لا يوجد آبار بعد الجُرَاوِي فكان لا بد لنا من السير دون توقف حتى الجوف. هكذا بقينا 22 ساعة على (الأَشِدَّة) كنا قد انطلقنا في الرابعة صباحاً ووصلنا إلى نهاية مطافنا في 26 أيّار في الثانية فجراً وقد عانيت من العطش كثيراً.وعندما وصل الجوف تحدث هوبير عن تاريخ الجوف القديم والحديث، إلى أن قال: في أواخر القرن الماضي، ضمت الجوف إلى الوهابيين بعد أن شهدت حرباً أهلية وأرسل إليها ابن سعود حاكماً لوقف الاضطرابات وخطباء لتوعية الناس.وجاء تدمير الامبراطورية الوهابية على يد محمد علي، باشا مصر، فعادت الفوضى إلى الجوف. وقد دام هذا الوضع حتى عام 1254هـ/1838م وهي الحقبة التي احتل فيها عبدالله بن رشيد مجدداً الجوف لحسابه الخاص لدى قيامه بنجدة مواطنيه شَمَّر الذين كانوا في صراع مع سكان سوق الدلهمية المقيمين في حي الجرعاوي وكانوا قد أصبحوا في فترة معينة الأكثر ضعفاً. وبذلك وفق بين الجميع.
كان هذا الوضع الجديد ضاغطاً على الجوفيين وما أن أدركوا ضعف حكم ابن سعود حتى فكروا في استغلاله لاسترداد استقلالهم. فثاروا وطردوا الأمير الشَّمِّرِي، ومن المرجَّح أن يكون الرُّوَلَة قد دفعوهم إلى ذلك إذ إن قبيلتي النايف والشِّعْلان كانتا منذ أمد بعيد تستفيدان من ضريبة صغيرة من الجوف كما وأنهم إلى جانب عداوتهم الدائمة لشَمَّر لم يكونوا يوماً حتى في عصرهم الذهبي أصدقاء الوهابيين.وفي ص76 وتحت عنوان: بُرَيْدَة وعين ابن فهيد قال هوبير: من الشِّقَة قادتني مسيرة ساعتين كاملتين (7 أميال) الى بُرَيْدَة حيث وصلت وقت صلاة العصر.المدينة مطوَّقة بجدران من الآجر والتبن بارتفاع 4 أمتار يجعلها التموج الزهري تبدو وكأنها حديثه جداً. المدخل إليها عبارة عن بوابة كبيرة بمصراعين مع عتبة من الحجر. تتخلل الجدران بين الفينه والآخرى أبراج مدورة أو مربعة يزيد ارتفاعها على ارتفاع الجدران بمترين. لايوجد سطوح وراء الجدران والأبراج.توجهنا الى القصر مباشرة. وهنا وجدت الأمير حسن خارجاً من المسجد حيث أدَّى صلاة العصر فاستقبلني بحفاوة. وضعت سجادات في الباحة فجلسنا عليها وتبادلنا السلام المعهود. ثم سلمته رسالة التوصية التي أعطاني إياها سيده أمير جبل شَمَّر.
ولأن حسناً لا يعرف القراءة فقد تولى أمين سره قراءة الرسالة بصوت منخفض بحيث لايسمع الاشخاص الحاضرون شيئاً. فكرر لي فوراً ما كان قد قاله قبل القراءة إنه سعيد بالترحيب بي وبالأمير محمد، وأن بيته هو بيتي، وأنه ما عليّ الا أن أطلب ما أرغب. كما أوصاني بألا أخرج أبداً من القصر دون مرافقة اثنين من رجاله وبأن أحمل دوماً سيفي وفق عادة المشايخ في البلاد العربية.لقد خلف الأمير حسن والده مُهَنَّا الذي اغتيل وسط الشارع قبل ست سنوات. إنه رجل في الثانية والخمسين من العمر مبتذل المظهر ولا ينمّ عن ذكاء متفوق. وفي عينه اليسرى بياض تمنعه من الرؤية من هذا الجانب، وهو يتمتع باستقلالية محدودة ولا يدفع لحائل سوى ضريبة واحدة بعضها من المال وبعضها الآخر عيني.حكم الأمير حسن المُهَنَّا عشر سنين وقبله شغل شخص يحمل اسم عبدالعزيز المحمد منصب الأمير لمدة أربعين سنة تقريباً أي منذ سقوط الوهابيين.لا يربو وجود بُرَيْدَة على مئة وثمانين عاماً؛ ولكنها خلفت مدينة أقدم منها كانت موجودة على مسافة ميلين الى شمال البلدة الحالية وتدعى الشَّماس. هذه الأخيرة أُسست قبل ثلاثة قرون ونصف. والمسجد الذي اعتبر بلجريف أنه شُيِّدَ قبل أربعمائة عام في الواقع شُيِّدَ قبل أقل من مئة عام، والمدينة تملك أربع مدارس وستة جوامع بما فيها الجامع الرئيس في العاصمة. أما السكان الذين يعود أصلهم جميعاً الى عنزة فيبلغ عددهم (10) آلاف نسمة.بُرَيْدَة مركز تجاري كبير ولكنه لا يعرف أوج ازدهاره الا خلال الأشهر الأربعة من السنة التي تلي قطاف التمر. في هذا الوقت غالباً ما نرى منتصبة خارج بُرَيْدَة ما يربو على ألف خيمة بدو يأتون للتزود بالتمر والقمح والأرز وبعض الأقمشة القليلة التي يحتاجون اليها.فيما عدا هذه الأشهر الأربعة يكون ثلثا المحلات مقفلة مما جعل بلجريف يعتقد أن المدينة في انحطاط. بل على العكس أعتقد أنه بإمكاني أن أجزم بأن ثَمَّة ثروات في بُرَيْدَة تفوق ثروات حائل عدداً وحجماً. وقد أعطاني الأمير حسن معلومات عديدة تُؤيد ذلك.المياه في بُرَيْدَة ليست طيبة المذاق. فهي في كل الآبار تقريباً مالحة جداً لا تصلح للشرب ومعكرة جداً في كل مكان. مستوى المياه الجوفية يقع على عمق يتراوح ما بين 5 و10 أمتار تحت الأرض، وللوصول اليها يجب على العموم اختراق ثلاث طبقات من الصلصال الرملي تبلغ سماكة كل واحد منها من متر الى مترين.منذ أن بُنيت بُرَيْدَة اجتاحتها النفود وقد اكتشفت بهذه المناسبة بأن النفود يسير من الغرب الى الشرق. فالحدائق الواقعة غربي المدينة بات لديها اليوم من جهتها الغربية ارتفاع يتراوح ما بين 6 و 8 أمتار من النفود يحاول السكان تثبيته بواسطة زراعة شجر الأَثْل.
غداة وصولي الى بُرَيْدَة الذي كان في الثامن من آب ويصادف أول أيام شهر رمضان المبارك, عشية ذلك اليوم فيما كنت أشرب القهوة مع الأمير, سألني اذا كنت عازماً على الصوم وإذ أجبت بالايجاب انفجر ضاحكاً؛ ولكنه أكَّدَ لي أن هذا لن يحصل، وأنني لن أحتمله، وأنه علاوة على ذلك كوني مسافراً يعفيني من الصوم. وبالفعل فقد أعد الطعام لي ولرفيقي كالمعتاد وكذلك القهوة.وبعد وصولي بأربعة أيام, قمت برحلة شمال بُرَيْدَة الى عين ابن فهيد وهي بلدة قديمة جداً يغذي نخيلها خمسة ينابيع. إنما مياهها الصافية والجميلة المنظر غير صالحة للشرب لأنها متخمة بأملاح الكلس والماغنيزيوم.في منتصف الطريق تقريباً بين عين ابن فهيد وبُرَيْدَة, توقفت ساعة خارج قرية فقيرة تعد 60 شخصاً تدعى الطَّرَفِيَّة. فإثر اختفاء الماء من الآبار قبل أربع سنوات تفرَّق معظم السكان في بلدات أخرى وماتت كل أشجار النخيل وظلَّت جذوعها المجردة من الورق منتصبة في الهواء على نحو محزن وكأنها غابة من عصي المكانس. كانت جميلة فيما مضى فكلها أشجار نخيل يتراوح عمرها ما بين مائة ومائة وعشرين سنة.يزرع السكان, بالماء القليل المتبقي وغير الصالح للشرب باستثناء بئر واحد, الشَّمَّام والبطيخ. وهم يعملون على جمع الحطب في الصحراء ويبيعونه في بُرَيْدَة كما يبيعون الشَّمَّام والبطيخ.في المقابل عين ابن فهيد في ازدهار مضطرد. وقد رأيت فيها عدة مزارع نخيل تخص إحداها الأمير حسن.على مسافة 3 كيلات شمالاً من عين ابن فهيد أطلال قديمة تدعى قصر مارد. وهو عبارة عن مبنى كبير مربع, ضخم جداً, بنى بالحصى والملاط الكلسي طول أضلاعه 40 متراً تقريباً وأضلاع الباحة الداخلية 30 متراً. يواجه باب المدخل الغرب أي القرية الواقعة على قمة تلة صغيرة تشرف على المنطقة.على بعد خطوات, من الجانب الشمالي للقصر, صخرة على شكل طاولة يتراوح طولها مابين 40 و 50 مترا ويبلغ ارتفاعها مترين, تحمل نقوشاً حِمْيَرِيَّه عديدة ولكنها كلها ممحوة تقريباً ولم أتمكن من نسخ إلا بعضها.من الناحية المقابلة للقرية تقريباً, على بعد كيلين الى الشمال الغربي فوهة بركان قديمة تشير إليها كتل كبيرة من الحث منتشرة على مساحة 500 متر مربع تقريباً وأحياناً مغطاة كلياً بالنقوش.وعلى غرار بلدات عديدة أخرى في الجزيرة العربية وبالأخص في نَجْد, فقد تحمَّلت عين ابن فهيد نتائج كل الثورات التي هزت هذا البلد فأفرغت مراراً من سكانها وعادت آهله. الاقامة الحالية ترقى الى ثمانين سنة. وبالطبع فإن أحداً من السكان الحاليين لا يعرف شيئا عن الذين سبقوه في هذا المكان.في اليوم الثالث من وصولي في 13 آب, غادرت عين ابن فهيد قبل الفجر بوقت طويل وبعد ساعتين قادتنا مسيرة عشرة كيلومترات جنوباً الى آبار وْسَيْطَة المهمة لأنها تزود عين ابن فهيد بمياه الشرب.كل ليلة قرابة منتصف الليل يذهب رجلان يقودان خمسة عشر حماراً من القرية حاملة قِرَب السكان ويملأونها من آبار وْسَيْطَة. ويسيرون يومياً مسافة 20 كيلاً للحصول على كمية المياه اليومية اللازمة. وأيّ مياه؟! لم أر في حياتي ماء موحلة إلى هذه الدرجة. أما مذاقها فباستثناء مياه الشَّقِيْق في النفود, لا أذكر أنني شـربت ماء بهذه النتانة. ومع ذلك يا للسخرية المُرة, تجري مياه ينابيع القرية التي تسقي النخيل صافية كمياه الصخور عندنا.الأمير حسن بن مُهَنَّا أبا الخيل. وأبا الخيل أسرة كريمة من قبيلة عنزة الوائلية، ظلوا يتوارثون حكم بريدة مدة طويلة، وانتهت إمارتهم على يد الملك عبد العزيز آل سعود عام 1326هـ/1908م. وفي أثناء وجود هوبير في تَيْمَاء تحدث عن قبيلة عنزة وعن فروعها فقال في ص 99: تبيع تَيْمَاء تمورها بشكل حصري تقريباً لعرب الشَّرَارَات. وفي بعض الأحيان يصل عرب الرُّوَلَة إلى هنا ولكن ليس في كل سنة. والشَّرَارَات هم الذين يمدون تَيْمَاء بالسَّمن والخِرَاف.القبيلتان العنزيتان اللتان تؤلفان قبيلة بني وَهَب هي الفْقَرَا (الافْقَرَا) ووُلْد علي الذين تمتد مراعيهم – أيضاً – حتى تَيْمَاء لا يتزودون بالتمور منها بل من خَيْبَر، فكون الفْقَرَا (الافْقَرَا) مالكي نخيل خَيْبَر يعفيهم من شراء التمر.بالانتظار نشر كامل لوائح كل القبائل وفروعها العديدة الذي سأقدمه لاحقاً، أشير هنا إلى قبيلة بني وَهَب المثيرة للاهتمام من جميع الأوجه والتي تنقسم إلى فرعين كبيرين: وُلْد علي والفْقَرَا (الافْقَرَا).
قبائل فرع وُلْد علي هي التالية:اليِدْيَان، المَسْعَد، السَّنَد، المريخان، الرِّكَاب، العُطَيْفَات، المَشِطَة، الطُّلُوْح، الخالد، الرَّبَيْلات، الدِّمْجَان، الطُّوَالِعَة، المشرف، الخيل، الذُّوَيْبِي، الشَّرَاعِبَة.وهي في مجموعها 16 قبيلة حوالي 600 خيمة. الشيخ الأكبر الحالي يُدعى مُطْلَق بن رِجَا( ) الاَيْدَا.أما قبائل الفْقَرَا (الافْقَرَا) فيبلغ عددها تسع قبائل:المُبَارَك، الشَّفِقَة، الحُجُوْر، الخَمَاعِلَة، الصهبان، المَغَاصِيْب، الفرعين، الحُوَيْكِم، الجْمَعَات (الاجْمَعَات).وتملك هذه القبائل بمجموعها حوالي 400 خيمة. يُدعى الشيخ الأكبر الذي تقع خيمته في قبيلة المُبَارَك مُطْلَق بن الحُمَيْدِي. على النحو الذي أشرت إليه على الخريطة فإن بني وَهَب يجوبون صحراء الشفة حيث تشكل تَيْمَاء حدودها الشمالية والحَرَّة حدودها الجنوبية. نصيب وُلْد علي هو الأفضل لأن أراضيهم تضم قطعة من النفود. في المقابل يجتاز درب الحج الذي يشكل مصدر أرباح للعرب كل سنة، جزءاً من أراضيهم، وبالإضافة إلى ذلك فإنهم يملكون نخيل خَيْبَر الذي يؤمن لهم كل سنة مؤونتهم من التمر. الصحراء المحيطة بتَيْمَاء مباشرة تدعى مدائن صالح.وفي ص104 استعرض هوبير عشائر قبيلة بِلِي العريقة، وذكر منها المواهيب، وهم فرع من المواهيب من السَّبَعَة من عنزة الوائلية، دخلوا في قبيلة بِلِي بالحِلْف، وشيخهم هو أبو شَامَة، وشيخ الشمل في بِلِي هو ابن رِفَادَة كما هو معلوم.وفي ص106 قال هوبير: ..كانت الأرض الغرانيتية على أي حال قد بدأت على مسافة كيلين جنوبي العُلا ومعها دخلنا أراضي عرب عنزة المستقلين ولكن المتحالفين مع شَمَّر.فرع وُلْد سليمان الكبير هو الباقي في المنطقة. تتناثر خيامهم من جبل مريرة وحتى مشارف يَنْبُع في الجنوب.القبائل الرئيسة هي التالية:الجَعَافِرَة، الفضيل، المِرْتِعِد، العُوَاجِي، البكار، الغَضَاوِرَة، المُرَيْحِم، النحات، المَطَارِدَة، السَّهُوْل، الخَمِشَة، السعيد، النُّوَامِسَة، الشِّمْلان.وُلْد سليمان أكثر عدداً من بني وَهَب، وهم – أيضاً – من عرب عنزة كما رأينا ذلك آنفاً؛ ولكنهم أكثر فقراً أيضاً، إلا أنهم في المقابل يملكون كنز الحرية الذي لا يُقدَّر بثمن، وأكثر ما تحتاج إليها المجتمعات المتمدنة جزئياً. إنهم مستقلون تماماً إزاء الحكم التركي الذي يعادونه وإزاء أمير شَمَّر الصديق.لديهم في جبالهم بعض المراعي الجيدة وهي أفضل من مراعي بِلِي وعلى غرار الأخيرين لديهم ماء وافر. كما أنهم يملكون عدداً أكبر من البنادق من بِلِي.كل المنطقة الوعرة جداً الواقعة بين العُلا وخَيْبَر تحمل اسم الحِجْر. وهي صحراء غرانيتية قاحلة بشكل مريع.من أراد الاستزادة فليراجع الكتب المتخصصة.أما الشِّمْلان فهم من السَّلْقَا من العْمَارَات (الاعْمَارَات) من عنزة، وليسوا من وُلْد سليمان من ضَنَا عُبَيْد من عنزة.وقبيلة النُّوَامِسَة حلفاء وُلْد سليمان من عنزة.وعندما وصل هوبير إلى خَيْبَر تحدث عنها بشيء من التفصيل فكان مما قال: سكان خَيْبَر الذين يملكون 300 بندقية، يبلغ عددهم 1200 نسمة ويتوزعون على النحو التالي:قرية بِشْر، تملك 120 منزلاً.مكيدة، تملك 100 منزل.عاصمية، تملك 20 منزلاً.
لا يوجد في خَيْبَر سوى مدرسة واحدة تقع في قرية بِشْر؛ ولكن المتابعة فيها غير مؤمنة إلا فيما ندر، وهي قلَّما تفتح أبوابها. يديرها رجل دين لا يُدعى في خَيْبَر الخطيب كما هو الحال في الجبل، بل رئيس المسجد. ويضيف: شمالي بحيرة الثَّمَد، تتابع المياه سريانها عبر الحَرَّة إنما متجهة إلى الشمال – الغربي لتصب في وادي تبق بعد سقي نخيل بلدتين خاليتين من السكان، هدنة وجراية.يعود نخيل جراية إلى فصيل الخالد من وُلْد علي.ويضيف: من وادي سرير الكثير من النخيل العائد إلى قبيلة الشِّمْلان التابعة لعنزة.ويضيف: يعود نخيل خَيْبَر إلى عرب الفْقَرَا (الافْقَرَا) أحد فرعي بني وَهَب، الذين يجوبون المنطقة بين خَيْبَر وتَيْمَاء. سكان خَيْبَر يزرعون شجرتهم مناصفة مع الفْقَرَا (الافْقَرَا) ويستقرون حول الواحة للتأكد من المحصول وتَسَلُّم حصتهم. وكما هو سار في زراعات النخيل كافة فهنا – أيضاً – تتناوب باستمرار سنة محصول جيد تليها سنة محصول سيّئ وهكذ دواليك. سنة مروري (1297هـ/1880م) كانت سنة وفرة.
المصدر / قبيلة عنزة الوائلية في كتابات الرحالة والمستشرقين ، للمؤلف – فائز الرويلي