الرحَّالة هو عبدالله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي، أبو البركات السُّويدي، فقيه متأدب، من أعيان العراق، وهو أول من عُرف بالسُّويدي من هذا البيت، ولد في كَرْخ بغداد عام 1104هـ/1693م، وتوفي والده وهو طفل، فكفله عمه لأمه الشيخ أحمد سويد، وتعلَّم واشتهر . قال عنه الأديب المؤرخ عصام الدين العمري الموصلي: ممن يجلّه الدهر، ويعظّمه العصر، ويقدّمه الفخر، صاحب الامثال السائرة، والبديهة الغريبة النادرة، النبيه النبيل، رجل العراق وواحد الأدب على الإطلاق .
ومن مؤلفاته:
الجمانات في الاستعارات. وقد عهد لابنه عبد الرحمن أن يكمله فأكمله . “ إتحاف الحبيب ، حاشية على مغني اللبيب” . “شرح صحيح البخاري” . “ديوان يشتمل على منظوماته” . “النَّفحة المسكيَّة في الرحلة المكيَّة” ، والنَّفحة المسكيَّة هي رحلته إلى الحج عام 1157هـ/1744م. وصف فيها عدداً من المدن والقرى والمحطات التي كانت تقع على طريقه، وكان خط سيره باختصار كالآتي: بغداد – تكريت – الموصل – حلب – حماة - حمص – دمشق. بعد ذلك رافق المحمل الشامي في رحلته المعتادة سنوياً، وأدَّى فريضة الحج في تلك السنة. عاد السُّويدي إلى بغداد، وتوفي بها عام 1174هـ/1761م رحمه الله.
وقد أعقب السُّويدي عدداً من الأبناء وهم:
1- أبو الخير عبد الرحمن: مؤرخ أديب فقيه شاعر.
2- أبو السعود محمد سعيد: فقيه شاعر.
3- أبو الفتوح إبراهيم: توفي بالهند، وكان مُحَدِّثاً أديباً.
4- أبو المحامد أحمد: الشاعر المؤلف في الأدب والتصوّف.
وهؤلاء كلهم عَالمٌ انتهت إجازات العديد من العلماء العراقيين اليهم. وقد وُصفت أسرة السُّويدي بأنها: واحدة من تلك الأسر العربية الفاضلة، التي حفظت لنا تقاليد العلوم الإسلامية القديمة، في هذه العصور المظلمة، بالنسبة للأدب العربي، ومهَّدت الطريق لنهضة ذلك الأدب في القرن التاسع عشر.
قبيلة عَنَزَة في رحلة السُّوَيْدِي البغدادي
قال السُّوَيْدِي في ص197 عن منزلة المُزَيْرِيْب والتي هي إحدى منازل الحج الشامي في عام 1157هـ/1744م: ..وتليها مرحلة المَزَارِيْب، بفتح الميم، جمع مِزْرَاب، اسم مكان للزَّرْب، وهو في لغة الشام السَّيْل يقولون: زَرَب الماء إذا سال، وفي القاموس زَرِب كَسَمِع سال؛ سُمِّيَتْ بذلك لأنه قلعتها حول عين مُنخفض واديها تجري فيه السيول، وتلك العين اسمها بَجَّة، بفتح الباء وتشديد الجيم وبعضهم يميل الجيم. وماؤها عذب إلا أن فيه نوع ثخانة، وبعض الناس يقول: مُزَيْرِيْب تصغير مِزْرَاب، ولعل جميع ذلك محرَّف مِيْزَاب أو مَيَازِيب.
وأقمنا فيها ستة أيام غير يومي الدخول والخروج؛ لأن عادة أمير الحج أن يعطي الموظف لعنزة في هذه المرحلة ويسمونه بالصُّرِّ؛ لما أنه يأتي مصرورًا بصُرَّة في الأصل. ولأن عادة الجَمَّالة يباشرون أكثر حوائجهم منها من شراء جِمَال وعلف وغير ذلك. اهـ.
الموظف لعنزة: أي المخصص لقبيلة عنزة.
الصُّرَّة: المبالغ المخصصة للمَحْمَل المصري والشامي ذهابًا وإيابًا، سميت صُرَّة لأن العملة في ذلك الوقت معدنية، وتحفظ في كيس، ثم تقسم في أكياس صغيرة، أي صُرَر ومفردها صُرَّة. وتوزع على من خصصت لهم، من شيوخ ووجهاء القبائل، وأمراء المدن والقرى التي يمر بها المَحْمَل؛ وذلك مقابل حمايته في رحلته السنوية المعتادة إلى الحج، وغيرها من الخدمات.
عين البَجَّة وبحيرة المُزَيْرِيْب: من موارد عنزة المائية، خاصة الرُّوَلَة ووُلْد علي. وتقع بلدة وبحيرة المُزَيْرِيْب( ) في منطقة حوران جنوب سوريا الآن.
والمقصود بقبيلة عنزة هنا عندما قال السويدي: لأن عادة أمير الحج أن يعطي الموظف لعنزة. المقصود هم قبيلة وُلْد علي جماعة ابن سْمَيْر، وأعتقد - أيضًا – الحْسَنَة (الاحْسَنَة) جماعة ابن مِلْحِم. حيث إن الرُّوَلَة كانت في هذا التاريخ 1157هـ/1744م في نَجْد والجوف. وأول من سار بهم من نَجْد والجوف إلى بلاد الشام هو الشيخ عبدالله بن مُنِيْف الشِّعْلان المتوفي عام 1199هـ/1785م رحمه الله، حصل ذلك في الربع الأخير من القرن (12) الهجري( ).
وليس لقبيلة الرُّوَلَة صُرَّة حسب علمي، حيث إن ديار وآبار الرُّوَلَة ليست واقعة على طريق الحج الشامي والله أعلم.
المصدر / قبيلة عنزة الوائلية في كتابات الرحالة والمستشرقين – المؤلف – فائز الرويلي